كلّنا مسؤولون عن مأساة الكاتب في توزيع كتابه
نشر يوم 01 - 10 - 2016
من يحمل على الكاتب هم تسويق كتابه؟ سؤال كثر طرحه في العديد من المناسبات ومن طرف الجميع. من يتحمل مسؤولية فشل سياسات الترويج لإصدارات الكتاب؟ هل هو الكاتب؟ الناشر؟ وزارة الثقافةالجزائرية؟ المكتبات ومعها القارئ؟ أم الكل يتحمل مسؤولية الحال الذي وصلنا إليه؟ هذه الأسئلة تم طرحها في ظل ما يعيشه الكاتب والمؤلف الجزائري الذي يحتار ماذا يفعل عندما يصدر كتابه ويجده أمامه، والنسخ هنا وهناك ولا يعرف عندما يتصرف إلى من يلجأ وأين يذهب بهذه النسخ حتى يوزعها لتصل إلى القارئ الجزائري في مختلف أنحاء القطر. وسط هذه الحيرة سألنا بعض الكتاب والشعراءالجزائريين، فكانت إجاباتهم تحمل الجميع المسؤولية في ذلك.
صالح كحول: "روجنا بأنانية وجهل لكتاب وكتب لا قيمة لها"
قال الكاتب والإعلامي صالح كحول؛ "لا يخفى على الجميع مرارة الحال الذي وصل إليه الكاتب والكتاب في الجزائر، لقد صار سلعة يكاد ينعدم طالبها ويغلب عليها المجاملات والصداقات، ومن فشل في كسب هذا فمصير كتابه رفوف مكتبته في البيت أو صناديق يلفها الغبار. بموضوعية، نقول إننا ساهمنا كلنا ولو بغير قصد في هذا، روجنا بأنانية وجهل لكتاب وكتب لا قيمة لها سوى أن أصحابها هم أصدقاء لنا، سعينا وراء إصدارات أبهرتنا كلمات مقدمتها وغابت عن محتواها أية قيمة مضافة، ملأنا مكتباتنا بكتب لأجانب ليقال عنا بأننا متفتحون على ثقافة الغير. صار الكتاب عندنا مظهر تفاخر، في حين يغيب عنا الكاتب الجزائري وما كتب، سوقنا للرداءة من حيث لا ندري. دور النشر ومن كان على رأسها وأغلبهم لا علاقة لهم بالوسط الأدبي والكتاب ولا ينظرون إليه إلا كسلعة تباع ومقابل مادي، فتحت دور النشر الباب للجميع ليحققوا حلم رؤية إصدارهم الورقي ولو لم تكن له قيمة مضافة. جشع الجميع، وغياب سياسات رشيدة من طرف وزارة الثقافة والقائمين على الشأن الثقافي في الجزائر ساهم كل هذا في زيادة الهوة بين القارئ الجزائري وما ينشره الكتاب. القارئ مع الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعانيها لم يعد بمقدوره اقتناء كتب غالية الثمن أو غير متوفرة في أماكن قريبة منه سواء كانت مكتبة أو ساحة عرض. كل الظروف أراها سببا في عجز الكاتب على تسويق كتابه واكتفائه بما يقتنيه عنه الأحباب والأقارب. صالح كحول مدير مجلة الإبداع العربي الإلكترونية".
توفيق ومان:"الحل بإنشاء مؤسسة عامة تقوم بتوزيع الكتاب"
قال الشاعر توفيق ومان رئيس الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي؛ "فعلا الجزائر الآن هي الدولة الوحيدة في العالم العربي التي تصدر وتطبع أكثر من ألف عنوان سنويا، دعما من وزارة الثقافةالجزائرية في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية، وزيادة على برنامج نشر الخارج هذا الإطار يعني تقريبا ما يفوق 2500 عنوان سنويا يصدر في الجمهورية الجزائرية، وهذا شيء كبير في مجال النشربالجزائر، لكن هناك معضلة التوزيع، حيث اعتمدت وزارة الثقافة كل الإصدارات التي تدعمها مع دور النشر الخاصة والعامة بأنها توزعها على المكتبات والبلدية كي يكون الكتاب متوفراً في كل شبر من القطر، ومع هذه المجهودات يبقى الكتاب وسياسة توزيعه ناقصة، حيث تقتصر على المؤسسات العمومية، وأقصد هنا المكتبات العمومية في مختلف الولايات، لكن المكتبات الخاصة تجد صعوبة في الحصول على الكتاب، فعندما يصدر عنوان جديد لا تستطيع دار النشر توصيله مثلا إلى مدينة تمنراست التي تبعد عن العاصمة ب 2500 كلم، أو تندوف التي تبعد ب2000 كلم، وكذلك أن توصل الكتاب إلى خارج الوطن، هنا نجد الصعوبة في هذا الميدان".
وأضاف "سبق أن اقترحنا على الوزارة بأن تنشئ مؤسسة عمومية للتوزيع، ونحن نعلم بأنها ستواجه صعوبات مالية لأن تكلفة النقل في الجزائر وشساعة مساحتها تكون أكثر من هامش ربح سعر الكتاب، لهذا اقترحنا في إطار الدعم المخصص لهذا الغرض أن تقوم بإنشاء مؤسسة توزيع وتدعم من نفس الصندوق كي يتوفر الكتاب عند كل الجزائريين من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، وأن ترسله للخارج عبر اتفاقيات شراكة مع دور النشر الكبيرة المعروفة في الدول الأخرى".
محمد بن جبار: "أغلب دور النشر مطبعجية، لا يهمهم الكتاب"
في حين قال الكاتب محمد بن جبار "أغلب دور النشر في الجزائر هي أقرب إلى مطبعجية، لا يهمهم الكتاب بالدرجة الأولى ولا ترقيته والبحث عن وصوله لكل القراء، هذا من جهة، من جهة ثانية، يقتصر التوزيع على المدن الكبرى لعدد من نقاط البيع معروفة، نقاط البيع الأخرى تكون لها تخصصات مدرسية أو دينية"
وأضاف: "إن الكاتب المحظوظ من يُنشر له بعد دفع مسبق وإلا لا تتحمل دور النشر تبعات النشر، بعدها دار النشر تنام نومة أهل الكهف وفي أحسن الأحوال الكاتب يلجأ إلى علاقات معقّدة أو خارج البلد مثلا لتفادي مشاكل النشر والانتشار، وأمام مشكلة المقروئية، عالم الكتاب - باستثناء الكتاب الديني - يشهد الكتاب الأدبي انهيارا غير مسبوق.
الشاعر أحمد بوفتحة: "الكاتب الشاب أمام وضع صعب جدا"
قال الشاعر أحمد بو فتحة؛ بالنسبة لتسويق الكتاب في الجزائر، العملية تكاد تكون انتحارية، لأن الإنسان القارئ اختفى تقريبا من الجزائر، والنسبة القليلة من الذين مازالت فيهم روح المطالعة يفضلون القراءة لكتاب معروفين، لهذا يجد الكاتب الشاب أو من ينشر لأول مرة نفسه أمام وضع صعب جدا لتسويق كتابه وإقناع القراء بشرائه .. أما عن التوزيع فالمسؤولية تكون على عاتق دار النشر، وذلك بتنظيم جلسات للتعريف بالكاتب والكتاب والبيع بالإهداء في مناطق مختلفة.
بشير ميلودي: "للمبدع دور في الإشهار لمنتوجه"
قال الشاعر والكاتب بشير ميلودي؛ "كمطلع على الوضع الثقافي في بلادي وكشاعر خضت تجربة الطبع، أعتقد أن معضلة الكاتب عندنا لم تعد تكمن في الطبع بقدر ما أصبحت مشكلة توزيع وقراءة، والعاتق بصدق لا يقع على دور النشر لوحدها، فللمبدع دور في الإشهار لمنتوجه ولو كان هذا الدور معنويا، وأيضا الوزارات والمنظمات المسؤولة عن النشر وحماية حقوقه والثقافة والتربية، أين هي توصياتها واهتمامها بالكتاب؟ لماذا تتحاشى التعامل بصدق مع المنتوج الأدبي خاصة؟ لماذا لا نؤطر للكتاب في مدارسنا وجامعاتنا؟ لماذا لا يلف الكاتب المدارس حاملا معه غذاء الروح؟ وهذا في حد ذاته فتح أفق أخرى للقراءة، كما أن الوزارة المعنية شحيحة في موردها المادي وأحيانا المعنوي تجاه الناشرين وبذاك تعيقهم. هناك أيضا هاجس في أذهان الناشرين مفاده أن الكتاب الأدبي لا يشترى وهم لم يذنبوا، فالجانب المادي من حقهم لكن هذا التفكير أثبت فشله بدليل تجارب بعض المبدعين الذي حملوا على عاتقهم مهمة توزيع وبيع كتبهم".
نوال ليتيم: "الموضوع متشعب ولكل نصيبه في خلق المشكلة"
قالت الشاعرة نوال ليتيم؛ "إنه تساؤل مهم يطل من شرفة انشغالات الكتاب كالسماء المفتوحة، لعل العالم يسع بقيا من أمل في قلب كل راغب في نشر كتاب له في ظل أزمة متشعبة... الحقيقة أن الجواب يستدعي الوقوف على مصلى الجميع حيث يقفون، كلٌّ يتهم الغير فيما يحدث من تراكم مزعج لمنشوره، فيما يظل السبب الحقيقي كقبض السراب لابتعادنا عن الرؤية الحيادية، وإن كنا نحن من سبب الأزمة.... فلنقف أولا على الكاتب في حد ذاته وهو يختار لكتاباته أسلوبا هشا ولغة هزيلة لا تتخير الفئة التي تعيش بينها حروفه، فتغيب الدهشة عن نصوصه لمجرد قراءة أولية لها، ويضيف سوء اختياره لتوقيت النشر أو طريقته أحيانا وغيابه إعلاميا عن إشهار إصداره في ظل عوالم افتراضية حولت القراءة إلى لمجة سريعة. ومن جهة تتحمل الجهات المسؤولة عن الإصدارات كوزارة الثقافة أو الجهة المسؤولة عمومها عن الحركة الثقافية للإبداع المكتوب، فتهمل الوقوف على قيمة الكتب ونوعيتها ولا تدعم طباعتها ولا توزيعها، بما يساهم في إيجاد سبل بين الكاتب والقارئ بطرق نوعية رفيعة... ونعود للقارئ أيضا، حيث أنشأنا النظم التعليمية الهزيلة، قارئا هشا لا يملك رصيدا من سعة الإدراك والمفردات والتمعن، مما يجعله يبصر بعين الكاتب ويرى المدلولات ويستعين بالاستدلالات ليفهم المقاصد أو يستنتج أحيانا ما لا يقصده الكاتب، فينشأ بذلك قارئا منتجا للأفكار من جديد، كأنما ولد كاتب من ظهر قارئ وقارئ من قلب كاتب وفي الأمر جانب تجاري لا يمكن تجاهله، حيث أصبحت الطباعة عملا تجاريا ربحيا أكثر مما هي خريطة لمملكة الفكر الإنساني المتنوع... كما أن أنوار الإعلام الباذخة لها وقع السحر حين تشعشع في طريق كاتب دون آخر، فتذوب، بل تموت بعض النصوص عند أول منعطف يملأ رئة الطرقات بعثرات واقفة ضد الكاتب غير المدعوم في كثير من الأحيان.... عموما الموضوع متشعب ولكل نصيبه في خلق المشكلة، مما يجعل حلها يقوم على تظافر الجهود وخلق دوائر إنمائية تهتم بالكتاب ونوعية الكتابة وقيمتها وتوقيتها ومواطن توزيعها أو لنقل تقريبها من القارئ النمطي.
صالح كحول: "روجنا بأنانية وجهل لكتاب وكتب لا قيمة لها"
قال الكاتب والإعلامي صالح كحول؛ "لا يخفى على الجميع مرارة الحال الذي وصل إليه الكاتب والكتاب في الجزائر، لقد صار سلعة يكاد ينعدم طالبها ويغلب عليها المجاملات والصداقات، ومن فشل في كسب هذا فمصير كتابه رفوف مكتبته في البيت أو صناديق يلفها الغبار. بموضوعية، نقول إننا ساهمنا كلنا ولو بغير قصد في هذا، روجنا بأنانية وجهل لكتاب وكتب لا قيمة لها سوى أن أصحابها هم أصدقاء لنا، سعينا وراء إصدارات أبهرتنا كلمات مقدمتها وغابت عن محتواها أية قيمة مضافة، ملأنا مكتباتنا بكتب لأجانب ليقال عنا بأننا متفتحون على ثقافة الغير. صار الكتاب عندنا مظهر تفاخر، في حين يغيب عنا الكاتب الجزائري وما كتب، سوقنا للرداءة من حيث لا ندري. دور النشر ومن كان على رأسها وأغلبهم لا علاقة لهم بالوسط الأدبي والكتاب ولا ينظرون إليه إلا كسلعة تباع ومقابل مادي، فتحت دور النشر الباب للجميع ليحققوا حلم رؤية إصدارهم الورقي ولو لم تكن له قيمة مضافة. جشع الجميع، وغياب سياسات رشيدة من طرف وزارة الثقافة والقائمين على الشأن الثقافي في الجزائر ساهم كل هذا في زيادة الهوة بين القارئ الجزائري وما ينشره الكتاب. القارئ مع الحالة الاقتصادية الصعبة التي يعانيها لم يعد بمقدوره اقتناء كتب غالية الثمن أو غير متوفرة في أماكن قريبة منه سواء كانت مكتبة أو ساحة عرض. كل الظروف أراها سببا في عجز الكاتب على تسويق كتابه واكتفائه بما يقتنيه عنه الأحباب والأقارب. صالح كحول مدير مجلة الإبداع العربي الإلكترونية".
توفيق ومان:"الحل بإنشاء مؤسسة عامة تقوم بتوزيع الكتاب"
قال الشاعر توفيق ومان رئيس الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي؛ "فعلا الجزائر الآن هي الدولة الوحيدة في العالم العربي التي تصدر وتطبع أكثر من ألف عنوان سنويا، دعما من وزارة الثقافةالجزائرية في إطار برنامج فخامة رئيس الجمهورية، وزيادة على برنامج نشر الخارج هذا الإطار يعني تقريبا ما يفوق 2500 عنوان سنويا يصدر في الجمهورية الجزائرية، وهذا شيء كبير في مجال النشربالجزائر، لكن هناك معضلة التوزيع، حيث اعتمدت وزارة الثقافة كل الإصدارات التي تدعمها مع دور النشر الخاصة والعامة بأنها توزعها على المكتبات والبلدية كي يكون الكتاب متوفراً في كل شبر من القطر، ومع هذه المجهودات يبقى الكتاب وسياسة توزيعه ناقصة، حيث تقتصر على المؤسسات العمومية، وأقصد هنا المكتبات العمومية في مختلف الولايات، لكن المكتبات الخاصة تجد صعوبة في الحصول على الكتاب، فعندما يصدر عنوان جديد لا تستطيع دار النشر توصيله مثلا إلى مدينة تمنراست التي تبعد عن العاصمة ب 2500 كلم، أو تندوف التي تبعد ب2000 كلم، وكذلك أن توصل الكتاب إلى خارج الوطن، هنا نجد الصعوبة في هذا الميدان".
وأضاف "سبق أن اقترحنا على الوزارة بأن تنشئ مؤسسة عمومية للتوزيع، ونحن نعلم بأنها ستواجه صعوبات مالية لأن تكلفة النقل في الجزائر وشساعة مساحتها تكون أكثر من هامش ربح سعر الكتاب، لهذا اقترحنا في إطار الدعم المخصص لهذا الغرض أن تقوم بإنشاء مؤسسة توزيع وتدعم من نفس الصندوق كي يتوفر الكتاب عند كل الجزائريين من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، وأن ترسله للخارج عبر اتفاقيات شراكة مع دور النشر الكبيرة المعروفة في الدول الأخرى".
محمد بن جبار: "أغلب دور النشر مطبعجية، لا يهمهم الكتاب"
في حين قال الكاتب محمد بن جبار "أغلب دور النشر في الجزائر هي أقرب إلى مطبعجية، لا يهمهم الكتاب بالدرجة الأولى ولا ترقيته والبحث عن وصوله لكل القراء، هذا من جهة، من جهة ثانية، يقتصر التوزيع على المدن الكبرى لعدد من نقاط البيع معروفة، نقاط البيع الأخرى تكون لها تخصصات مدرسية أو دينية"
وأضاف: "إن الكاتب المحظوظ من يُنشر له بعد دفع مسبق وإلا لا تتحمل دور النشر تبعات النشر، بعدها دار النشر تنام نومة أهل الكهف وفي أحسن الأحوال الكاتب يلجأ إلى علاقات معقّدة أو خارج البلد مثلا لتفادي مشاكل النشر والانتشار، وأمام مشكلة المقروئية، عالم الكتاب - باستثناء الكتاب الديني - يشهد الكتاب الأدبي انهيارا غير مسبوق.
الشاعر أحمد بوفتحة: "الكاتب الشاب أمام وضع صعب جدا"
قال الشاعر أحمد بو فتحة؛ بالنسبة لتسويق الكتاب في الجزائر، العملية تكاد تكون انتحارية، لأن الإنسان القارئ اختفى تقريبا من الجزائر، والنسبة القليلة من الذين مازالت فيهم روح المطالعة يفضلون القراءة لكتاب معروفين، لهذا يجد الكاتب الشاب أو من ينشر لأول مرة نفسه أمام وضع صعب جدا لتسويق كتابه وإقناع القراء بشرائه .. أما عن التوزيع فالمسؤولية تكون على عاتق دار النشر، وذلك بتنظيم جلسات للتعريف بالكاتب والكتاب والبيع بالإهداء في مناطق مختلفة.
بشير ميلودي: "للمبدع دور في الإشهار لمنتوجه"
قال الشاعر والكاتب بشير ميلودي؛ "كمطلع على الوضع الثقافي في بلادي وكشاعر خضت تجربة الطبع، أعتقد أن معضلة الكاتب عندنا لم تعد تكمن في الطبع بقدر ما أصبحت مشكلة توزيع وقراءة، والعاتق بصدق لا يقع على دور النشر لوحدها، فللمبدع دور في الإشهار لمنتوجه ولو كان هذا الدور معنويا، وأيضا الوزارات والمنظمات المسؤولة عن النشر وحماية حقوقه والثقافة والتربية، أين هي توصياتها واهتمامها بالكتاب؟ لماذا تتحاشى التعامل بصدق مع المنتوج الأدبي خاصة؟ لماذا لا نؤطر للكتاب في مدارسنا وجامعاتنا؟ لماذا لا يلف الكاتب المدارس حاملا معه غذاء الروح؟ وهذا في حد ذاته فتح أفق أخرى للقراءة، كما أن الوزارة المعنية شحيحة في موردها المادي وأحيانا المعنوي تجاه الناشرين وبذاك تعيقهم. هناك أيضا هاجس في أذهان الناشرين مفاده أن الكتاب الأدبي لا يشترى وهم لم يذنبوا، فالجانب المادي من حقهم لكن هذا التفكير أثبت فشله بدليل تجارب بعض المبدعين الذي حملوا على عاتقهم مهمة توزيع وبيع كتبهم".
نوال ليتيم: "الموضوع متشعب ولكل نصيبه في خلق المشكلة"
قالت الشاعرة نوال ليتيم؛ "إنه تساؤل مهم يطل من شرفة انشغالات الكتاب كالسماء المفتوحة، لعل العالم يسع بقيا من أمل في قلب كل راغب في نشر كتاب له في ظل أزمة متشعبة... الحقيقة أن الجواب يستدعي الوقوف على مصلى الجميع حيث يقفون، كلٌّ يتهم الغير فيما يحدث من تراكم مزعج لمنشوره، فيما يظل السبب الحقيقي كقبض السراب لابتعادنا عن الرؤية الحيادية، وإن كنا نحن من سبب الأزمة.... فلنقف أولا على الكاتب في حد ذاته وهو يختار لكتاباته أسلوبا هشا ولغة هزيلة لا تتخير الفئة التي تعيش بينها حروفه، فتغيب الدهشة عن نصوصه لمجرد قراءة أولية لها، ويضيف سوء اختياره لتوقيت النشر أو طريقته أحيانا وغيابه إعلاميا عن إشهار إصداره في ظل عوالم افتراضية حولت القراءة إلى لمجة سريعة. ومن جهة تتحمل الجهات المسؤولة عن الإصدارات كوزارة الثقافة أو الجهة المسؤولة عمومها عن الحركة الثقافية للإبداع المكتوب، فتهمل الوقوف على قيمة الكتب ونوعيتها ولا تدعم طباعتها ولا توزيعها، بما يساهم في إيجاد سبل بين الكاتب والقارئ بطرق نوعية رفيعة... ونعود للقارئ أيضا، حيث أنشأنا النظم التعليمية الهزيلة، قارئا هشا لا يملك رصيدا من سعة الإدراك والمفردات والتمعن، مما يجعله يبصر بعين الكاتب ويرى المدلولات ويستعين بالاستدلالات ليفهم المقاصد أو يستنتج أحيانا ما لا يقصده الكاتب، فينشأ بذلك قارئا منتجا للأفكار من جديد، كأنما ولد كاتب من ظهر قارئ وقارئ من قلب كاتب وفي الأمر جانب تجاري لا يمكن تجاهله، حيث أصبحت الطباعة عملا تجاريا ربحيا أكثر مما هي خريطة لمملكة الفكر الإنساني المتنوع... كما أن أنوار الإعلام الباذخة لها وقع السحر حين تشعشع في طريق كاتب دون آخر، فتذوب، بل تموت بعض النصوص عند أول منعطف يملأ رئة الطرقات بعثرات واقفة ضد الكاتب غير المدعوم في كثير من الأحيان.... عموما الموضوع متشعب ولكل نصيبه في خلق المشكلة، مما يجعل حلها يقوم على تظافر الجهود وخلق دوائر إنمائية تهتم بالكتاب ونوعية الكتابة وقيمتها وتوقيتها ومواطن توزيعها أو لنقل تقريبها من القارئ النمطي.
إشترك بالنشرة البريدية
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء